عندما كنت طفلة، كانت هناك خدمة تُدعى Life Action تأتي إلى كنيستنا عدة مرات لتنظيم فعاليات كنسية تمتد لأسبوع كامل. وفي إحدى المرات على الأقل، تم تمديد زيارتهم لأن الله كان يعمل بقوة في وسطنا. في الواقع، من خلال خدمة Life Action تعرّف والداي على الرب بشكل شخصي، وبعد إيمانهما، تعرفت أنا أيضاً على يسوع المسيح وتبعته.
خلال الجلسات المسائية، كان الكبار يحضرون عظات، أما نحن الأطفال فكنا نحصل على دروس ونشاطات خاصة بنا. خلال ذلك الوقت تعلمت تعريف الطاعة بطريقة موسيقية مع حركات بالأيدي، ولذلك مازلت أتذكرها حتى اليوم: "الطاعة هي أن تفعل ما طُلب منك فعله، حين يُطلب منك، بقلب سعيد." إحذف أي جزء من هذه الجملة، ولن يكون لديك طاعة حقيقية.
معظمنا من أطفال التسعينات كنا نعرف أنه إذا طَلب منا أهلنا فعل شيء و لم نفعله، فإذن نحن غير طائعين. لكن الجزء التالي من العبارة كان غير مريح بعض الشيء. إذا قلنا أننا سنفعل الشيء و نوينا فعله، لكن قررنا أن نفعله لاحقاً، بعد أن نكون قد انتهينا من عمل ما كنا منشغلين به في تلك اللحظة، فهذا يُعتبر طاعة غير حقيقية. بكلمات أخرى، الطاعة المتأخرة هي عصيان. أتذكر بعد تعلم ذلك الدرس أنني حاولت تغيير سلوكي من التأجيل إلى الطاعة في الحال أو ببساطة أطلب: "هل بإمكاني أن انتهي من هذا الفصل من الكتاب (أو الأغنية) أولا؟" (لأنه بصراحة، كنت عادةً أقضي وقتي إما بالقراءة أو عزف البيانو عندما كنت اتلقى تعليمات أهلي). في معظم الوقت كان الجواب "نعم"، لكن عندما كان الجواب "لا"، كان لدي الخيار إما أن أتحدى أهلي بعدم الطاعة من خلال التأجيل بكل الأحوال أو التوقف عن ما كنت أفعل وأطيع. اتخاذ الخيار الصحيح لم يكن دائماً سهلا، لكن هذا ما كنت مدعوة لفعله كــوني ابنة اتبعت يسوع – أن أكرم أبي و أمي.
ومع أن هذا الجزء كان صعباً، إلا أنه لا يُقارن بصعوبة الجزء الأخير: "بقلب فرح".
صحيح أنني قد أنجح في "فعل ما طُلب مني وقتما طُلب مني"، لكن هل كنت أفعل ذلك بسعادة؟ أم كنت أتذمر في داخلي – أو حتى علناً – لأنني اضطررت إلى التوقف عن هوايتي الممتعة لأفرغ غسالة الصحون أو لأصعد لأجلب شيئًا لأمي؟ الحقيقة المُحرجة هي أنه إذا كنت أفعل المطلوب فقط من دون فرح، فأنا لست طائعة حقاً.
حسناً، ربما تفكر، لكن ما علاقة هذا بي، كشخص ناضج؟ فعلياً، إنه متعلق بكل شيء. لأننا، مثلما يُطلب من الأطفال طاعة واحترام والديهم الأرضيين، يُطلب منا نحن، أبناء الله من كل الأعمار، أن نُطيعه ونُكرمه. وتعريف الطاعة بالنسبة لنا هو نفسه:
"الطاعة هي أن نفعل ما طُلب منا، وقتما طُلب، بقلب سعيد."
هل كنت تعلم أن الكتاب المقدس فعلياً يتحدث عن القلب عندما يكون الموضوع عن الطاعة؟ اقرأ هذه الكلمات من رومية 6: 16-18، و انظر إن كنت تجدها:
"ألستم تعلمون أن الذي تقدمون ذواتكم له عبيدا للطاعة، أنتم عبيد للذي تطيعونه: إما للخطية للموت أو للطاعة للبر؟ فشكرا لله، أنكم كنتم عبيدا للخطية، ولكنكم أطعتم من القلب صورة التعليم التي تسلمتموها. وإذ أعتقتم من الخطية صرتم عبيدا للبر."
هل لاحظت ذلك؟ "أطعتم من القلب" أي طاعة حقيقية. لكن كيف استطاع مستقبلو رسالة بولس أن يكونوا مطيعين من القلب؟ وكيف نستطيع نحن أن نفعل دائماً ما يقوله الله لنا بقلب سعيد؟ قد أضحي بوقتي، أو أخوض محادثة صعبة، أو أذهب حيث يدعوني الله، لكن هل أنا سعيد بذلك؟ أو أنني اتذمر داخلياً – أو خارجياً أنه علي إيقاف نشاطاتي المريحة والممتعة للقيام بما طلبه الله مني؟
لا أعلم عنك، لكنني أعيش صراع مستمر بين طبيعتي البشرية (الإنسان العتيق) وطبيعتي الجديدة. ومع ذلك، فحقيقة وجود هذا الصراع تُشجعنا. لأنها تعني أن قلبنا الحجري قد استُبدل بقلب جديد (انظر حزقيال 36: 26). قبل التعرف على يسوع، قلبنا غير قادر على الطاعة بسعادة. من الممكن أن نقوم بعمل المطلوب منا بالأفعال، لكن لن نستطيع أن نكون حقاً مطيعين لأن قلوبنا تتجه نحو الأنانية و البر الذاتي. لكن عندما نستسلم للمسيح، يُعطينا قلب جديد، ومن خلال هذا القلب الجديد نستطيع أن نطيعه طاعة حقيقية. نستطيع أن نقول بصدق مع داود: "أن أفعل مشيئتك يا إلهي سررت، وشريعتك في وسط أحشائي" (المزمور 40: 8).
الله لا يطلب منا فقط الطاعة الكاملة. بل ويعطينا بلطفه الأدوات الضرورية للطاعة. هو حرفياً يغير قلبنا ويضع روحه فينا، يجعل من الممكن لنا أن نكون مطيعين حقاً. من خلال قلبنا الجديد، الذي يسكنه الروح القدس، لدينا قوة ساكنة داخلنا قادرة أن تهزم جسدنا المزعج، المتذمر، المماطل وتعطينا القدرة لاختيار الطاعة بعزم وسرور عندما يُطلب منا أمر. إذاً دعونا لا نتجاهل أو نحاول إخماد هذه القوة. فلنقدّر هذا العطية التي صارت ممكنة بحياة يسوع الكاملة، وموته البدلي، وقيامته المنتصرة. قد أُعتقنا من عبودية الخطيئة، فلنبدأ بطاعة الله طاعة كاملة، بقلب سعيد.
كتب من قبل أوليفيا باشا. ترجم من قبل ليلى عطالله. تعديل من قبل حنين باشا.
This post was first published in 2022. To see the original English version, click here.
هذا المنشور تم نشره أولا في 2022. لرؤية النسخة الإنجليزية الأصلية إضغط هنا.
