Wednesday, March 27, 2024

كونوا بطيئين كدبس السكر…في الغضب

في اللغة الإنجليزية، ربما سمعتم بالتعبير "بطيئون كدبس السكر". عادةً، هذا التعبير يستخدم لتوضيح الإحباط بأن شيء ما أو شخص ما لا يتحرك بالسرعة التي نريدها.

في الثقافة الأمريكية سريعة الخطى، بطء التحرك ليس من الصفات الأكثر إثارة للإعجاب. حتى في الحياة المسيحية، يوجد أشياء كثيرة نعملها بسرعة –أن نسمع، أن نحب، أن نكون لطفاء، أن نصلي–  لكن هناك بعض الحالات حيث البطئ يكون مفضلاً، والحالة التي أريد التركيز عليها اليوم هي الغضب.

الثقافة الحديثة/المعاصرة مهووسة بأن "نكون حقيقيين مع أنفسنا"، والذي عادةً يتضمن التعبير عن مشاعر "أصيلة"، حيث أننا عادةً نتقبل الغضب كشيء جيد، استجابة صحية ببساطة لأنه أكثر استجابة طبيعية لنا. لكن علينا الحذر من النظر للسياق الثقافي الحالي على أنه معيار الصحة فوق وضد معيار الكتاب المقدس. 

ألقي نظرة على أمثال 11:19

"تَعَقُّلُ الإِنْسَانِ يُبْطِئُ غَضَبَهُ، وَفَخْرُهُ الصَّفْحُ عَنْ مَعْصِيَةٍ."

هل لاحظت ذلك؟ هذه الآية تحكي لنا أنه كوننا بطيئي الغضب دليل على التعقل وفي الحقيقة جدير بالمدح بألا نرد بغضب. لكن انتظروا–هناك المزيد. . . 

"بَطِيءُ الْغَضَبِ كَثِيرُ الْفَهْمِ، وَقَصِيرُ الرُّوحِ مُعَلِّي الْحَمَقِ." أمثال 29:14

"اَلرَّجُلُ الْغَضُوبُ يُهَيِّجُ الْخُصُومَةَ، وَبَطِيءُ الْغَضَبِ يُسَكِّنُ الْخِصَامَ." أمثال 18:15

"اَلْبَطِيءُ الْغَضَبِ خَيْرٌ مِنَ الْجَبَّارِ، وَمَالِكُ رُوحِهِ خَيْرٌ مِمَّنْ يَأْخُذُ مَدِينَةً." امثال 32:16

نعم، لكن تلك الآيات هي فقط وصفية تقدم ملاحظات عن ماهية الأمور، ربما تفكر، هذه الآيات لا تقول لك بأنه يجب أن تكون بطيء الغضب. صحيح، لكن يعقوب يقول هذا. 

"إِذًا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ، لِيَكُنْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُسْرِعًا فِي الاسْتِمَاعِ، مُبْطِئًا فِي التَّكَلُّمِ، مُبْطِئًا فِي الْغَضَبِ،" (يعقوب 19:1)

كذلك، الله يقول لنا مرات عديدة من خلال بولس لنطرح الغضب (افسس 31:4، كولوسي 8:3، تيموثاوس الأولى 8:2، الخ.). حسناً، لكن إذا اذاني شخص ما، لدي الحق بأن أغضب. ما الأمر الكبير إن غضبت عندما يؤذيني شخص؟ أنا سعيدة لأنك سألت.

هناك العديد من الأسباب وراء ضرورة الحذر من هذه العادة السيئة (هذا بالإضافة للحقيقة التي تقول أن الله يطلب منا أن نطرح الغضب منا). في البداية، الغضب هو فخ. من الممكن أن يكون شعوره جميل للحظة، ومن الممكن أن نشعر بأن لنا مبرر بأن نغضب، إلا أن له قبضة متصلبة تمسك النفس، وقد يولد شيء وخيم: المراراة. هذان الاثنان يتعايشون على بعضهما البعض وعلينا نحن أيضا، يفسدان تصرفاتنا، يلوثان أرواحنا، يجمدان نمونا ويدمران قدرتنا على أن نكون شهادة للآخرين عن المسيح. لا يجب أن نتعامل مع الغضب بخفية.

الآية اللاحقة في يعقوب تعطي سبب آخر لماذا علينا أن نكون بطيئي الغضب : لأَنَّ غَضَبَ الإِنْسَانِ لاَ يَصْنَعُ بِرَّ اللهِ." (يعقوب 20:1). لماذا نهتم بأن نصنع بر الله؟ لأنه كمسيحيين، نحن مدعوون لإظهار بر الله بدرجات أعلى وأعلى بينما هو يصوغنا ويشكلنا ويحولنا إلى صورة شبه المسيح (أي الله). وخمن ماذا–الله بطيء الغضب.

الآية التي تأتي إلى البال والتي تشير إلى هذه الصفة في الله هي خروج 17:34، حيث كان الله يظهر ويصف نفسه لموسى: "فَاجْتَازَ الرَّبُّ قُدَّامَهُ، وَنَادَى الرَّبُّ: «الرَّبُّ إِلهٌ رَحِيمٌ وَرَؤُوفٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الإِحْسَانِ وَالْوَفَاءِ."

ومع ذلك، بعد مزيد من التحقيق، هناك الكثير من المراجع التي تتحدث عن أن الله بطيء الغضب. سوف أكتب الشواهد هنا وبإمكانك قرائتها بتعمق على حدى: عدد 18:14، نحميا 17:9، مزمور 15:86، مزمور 8:103، مزمور 8:145، يوئيل 13:2، يونان 2:4، وناحوم 3:1.

فإذن، من الواضح جدا أنه لشيء جيد أن نكون بطيئي الغضب. لكن كيف يبدو ذلك؟ حسنا، بالتأكيد ليس لدي كل الإجابات، لكن، من تجربة سابقة، باستطاعتي القول بأنه ليس شيء جميل  .  .  .

منذ عدة سنوات، قادني الله في فترة من الألم العاطفي حيث كان الغضب والمرارة يطرقان على باب عقلي وقلبي. في بعض الأيام، استسلمت، لكن في أيام اخرى، بنعمة الله، كانت أكبر رغبة لروحي هي أن أقاوم. كنت أتذكر باستمرار كلمات قسيس كنيستي السابق د. ادريان روجرز بأن أعاصير ومعاناة الحياة سوف تقودك إلى الأفضل أو تجعلك ذو مرارة، وكنت مصرة ألا أصبح شابة مريرة. لكن بكل صراحة، الأمر كان صعبا. 

لم يحدث من قبل أبداً أن أختبر معاناة داخلية شديدة أو إدراك قوي وشبه محسوس لوجود الجسد والروح كلاهما. كانا يحاربان ضد بعضهما البعض، والمعركة كانت شرسة. ومقابل العديد من رفاقي خلال تلك الفترة، لقد كان لدي كل الحق بأن أغضب. جرحي كان حقيقياً جداً وسببه غير عادل. 

لكن الله بصبره الوافر صب نعمته في حياتي حيث أخذ الإزميل إلى قلبي، مظهراً لي هول حزني اتجاهه وعدم امتلاكي أي حق بأن أحمل ضغينة تجاه الآخرين، مهما كانت الجراح التي تسببوا بها عميقة ومؤلمة.

طبيعتي الجسدية لم تكن معجبة بتلك الفكرة، تريد أن تتشبث بحس من الاستحقاق،  تتكور بكرة، وتلحس جروحي، لكن الروح كانت تقوم بعملها، محققة وعد الله أن يرشدني في الحق، يساعدني في ضعفي، ويكمل عمل تشكيله لي لأصبح شخص صالح نافع للوقوف في حضرته.

لقد دعاني الرب قبلها بسنوات، عندما أصبحت ابنته، "لأخلع من جهة التصرف السابق الانسان العتيق الفاسد بحسب شهوات الغرور (مثل هؤلاء الذين يقولون بأن الغضب سوف يجعلك تشعر بالتحسن، أن تبرير قضيتي سوف يأخذ الألم، وأن حمل الضغائن وبناء جدران داخل قلبي سوف يجعلني آمنة ويقويني)، ولأتجدد بروح ذهني، لابسة انسان جديد مخلوق بحسب الله في البر وقداسة الحق" (من افسس 22:4-24). والآن كان الرب يجلب هذه الدعوة لتثبت في حياتي–دعوة كانت تتضمن أن أكون بطيئة الغضب. 

لأفصح لك: هل كنت أشعر بالغضب بفترات خلال ذلك الموسم؟ نعم. هل كان لدي الحق بأن أكون غاضبة، حسب مبادئ العالم؟ نعم. هل كان غضبي المتمحور حول نفسي مرضياً للرب؟ لا. لكن، مجداً لاسمه، أعطاني القوة لأتوب وأقاوم القوى التي سعت لأن تقسي قلبي. كان الوضع فوضوي ومرهق، روحيا وجسدياً. باختصار؛ كان الأمر بعيدا عن كل ما هو لطيف، لكن كان جميلاً.

لماذا أشارك بكل هذا؟ لأنني مقتنعة بأن الغضب والمرارة هم من أعظم أسلحة العدو، وأنا مقتنعة أيضاً بأن الذي فينا هو أعظم من عدونا ومصائده ( 1يوحنا 4:4). نفس الروح الساكنة في هي الموجودة في كل ابن وابنة لله، وإن استطاع الله أن يساعدني بالانتصار على المعاناة في كل السنوات السابقة، هو يستطيع مساعدة جميع ابناءه. 

انا مثال حي أن الرب قوي وأمين، لأني أعلم بكل ثقة بأن نعمته هي الطريقة الوحيدة التي مكنتني من المقاومة والفوز. مشاركة هذه القطعة من قصتي هي ليست بأي طريقة، "أنظروا الي"، بل " أنظروا اليه!" نعمته كافية، يا محبوب ويا محبوبة!

هل يعني كل هذا أننا ممنوعون من الإقرار بغضبنا؟ كلا على الإطلاق! هل هذا يعني أنه يجب أن نشعر بالذنب كلما  كان رد فعلنا الغضب؟ ليس بالضرورة. لكن يعني أن الغضب هو شيء لا يجب علينا اعتناقه بشكل أعمى تحت مسمى "علينا أن نكون حقيقيين مع أنفسنا". هذا يعني أنه علينا أن نفحص قلوبنا، نعري أرواحنا أمام إلهنا مخلصنا، ونسمح له بأن يشير لنا إن كان غضبنا غير صالح، مثلا عندما يكون خادم للنفس، مبرر للنفس، ومتمحور حول النفس (و كلا، الغضب على الأخطاء المرتكبة بحق الأشخاص الذين نحبهم ليس دائماً غير أناني). 

علينا أن نقاتل ضد قيود الغضب بكل مقدار لدينا من الضعف مع قوة إلهنا الوافرة. لأنه هذا هو القتال الذي تم شراءنا لأجله. سيكون الأمر مؤلماً بلا شك. سوف يتضمن التنازل عن حقوق مدركة. سيتطلب منك التخلي. لكن، يا صديقي، الجائزة التي ستحصل عليها تستحق أكثر بكثير من أي شيء متمسك به. الفرح والسلام اللذان تجدهما في يسوع لا يمكن وصف روعتها. الحرية التي ستجدها عندما تسلم كل هذه الهموم والقيود لمخلصنا القائم من الموت ليس لها مثيل. 

لا تسقط في فخ الغضب. لا تخف من الإقرار بضعفك للوحيد الذي يعرف أعماق هذا الضعف. لا تتردد بأن تصارع بقوة الروح ضد قوى الشر التي تسعى لنزع سلاحك منك. ثق بالرب وبقوته. اركع بخضوع وصلاة، وقف للقتال. كن بطيئ الغضب وسريع بالتوجه إليه. ثق بي، الأمر يستحق ذلك. إلهنا يستحق ذلك.

كتب من قبل أوليفيا باشا. ترجم من قبل ليلى عطالله. تعديل حنا باشا.


This post was first published in 2017. To see the original English version, click here.

.هذا المنشور تم نشره أولا في 2017. لرؤية النسخة الإنجليزية الأصلية إضغط هنا