Wednesday, August 14, 2024

المسيح المُنتظِر


في موسم عيد الميلاد المجيد، يكون تركيزنا على ناسوت المسيح (طبيعة المسيح البشرية). خلال هذا الوقت، نؤكد ألوهية المسيح وكما نعترف بكونه عمانوئيل، أي الله معنا. ولكن عندما نفكر بتجسد المسيح أي أن الله وُجدَ في هيئة إنسان، نتعجب من حقيقة أن إله الكل وضع نفسه طواعية ليصبح واحد منا، لابساً جسداً من لحم ودم ليسترد كل الأشياء لقصدها الصحيح، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، علاقتنا معه.

عندما نفكر في طبيعة المسيح البشرية، عادةً ما نفكر باحتياجه للنوم والطعام واحساسه بمشاعر مثل الفرح، والتعجب، والحزن، والغضب. لكن بينما كنت أقرأ الكتاب المقدس في يومٍ، وجدت أمر آخر يشبهنا المسيح به لم أفكر فيه من قبل. النص موجود في العبرانيين الأصحاح 10 الأعداد 12 و13 " وَأَمَّا هذَا فَبَعْدَمَا قَدَّمَ عَنِ الْخَطَايَا ذَبِيحَةً وَاحِدَةً، جَلَسَ إِلَى الأَبَدِ عَنْ يَمِينِ اللهِ، مُنْتَظِرًا بَعْدَ ذلِكَ حَتَّى تُوضَعَ أَعْدَاؤُهُ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْه". هل انتبهت على ما وصفته به الآية؟ منتظراً.

يتحدث النص على الفترة بعدما أتم المسيح عمل التضحية، وقال: "قد أُكمل.". ومع ذلك فهو "منتظراً". لقد كان بالفعل محققاً الانتصار، ولكنه أيضاً ينتظر الانهزام الكليّ لأعدائه. ولئلا نظن أنه عاجز أو أن انتصاره كان غير مجدٍ، نرى أنه يجلس في موضع سلطة عن يمين الله. إذاً، فلماذا ينتظر؟ حسناً، كما في مواقف كثيرة نحن لا نعلم تماماً، أو على الأقل لا نفهم كلياً. نحن نعلم أنه "ينتظر الأوقات والأزمنة المناسبة التي جعلها الآب في سلطانه" (أعمال الرسل 1: 7)، وقضية لماذا "الوقت المناسب" أمر أبعد من فهمنا. بغض النظر عن "لماذا"، نحن نعرف أنه ينتظر طواعيةً حتى يأتي الوقت المناسب.

لا يحاول يسوع انتزاع سلطة الله الآب عن طريق الاندفاع لعمل الأشياء أو الخروج بخطة أخرى كما فعل أبرام وساراي في وقت انتظار وعد الذُرية (تكوين 16) أو عندما نفعل نحن أغلب الأحيان. بالمقابل سلّم المسيح لخطة الآب وهو ينتظر بصبر حتى مجيء الوقت المناسب. الإله الذي هو خارج الزمن استخدم الزمن ليكمل خطته التامة في عالمنا، وهو ينتظر.

هذه ليست المرة الوحيدة التي انتظر فيها المسيح على أيّة حال، ففي يوحنا 7، انتظر ليذهب إلى العيد بعدما ذهب التلاميذ إليه قبلاً لأن "وقتي لم يكمل بعد" (يوحنا 7: 8). وفي يوحنا 11 بعدما سمع أن صديقه العزيز أليعازر مريض، انتظر يومين قبل أن يذهب ليرى أخوات أليعازر ويقيمه من الأموات.

قد يدور في ذهنك الآن: بالطبع يسوع يقدر أن ينتظر، إنه الإله كلي المعرفة وكلي الحكمة، لذلك هو يعرف أهمية انتظار الوقت المناسب. هذا صحيح فعلاً. ولكن صحيح أيضاً كونه الله فهو كلي القوة والقدرة ويستطيع تغيير الوقت المناسب، ولكن رغم ذلك هو ينتظر.

حسناً، لكن ماذا يعني هذا؟ ما أهمية الموضوع بالنسبة لنا؟ الأمر في غاية الأهمية فهو يعني أنه بالإضافة لجميع الأمور التي اختبرها المسيح كإنسان مثلنا وجميع الظروف التي يتعاطف معنا بها، فهو أيضاً اختبر شعور الصبر والانتظار لأمر ما حتى يحدث ولكنه لم يحدث بعد. زيادة على ذلك، كان يمكنه أن يحصل على ممالك الأرض بطريقة من خلالها يتجنب الموت على الصليب، ولكن هذه الطريقة كانت ستجعله يسجد لعدوه بدلاً من أبيه. لذلك هو يعرف معنى التعرض لتجربة التمسك بزمام الأمور وتسريع خطة الله الزمنية التي وضعها ومحاولة تغييرها.

فبينما ننتظر أمور معينة، بغض النظر عما كان من المؤكد أو من غير المؤكد حدوثها، نستطيع تلقي قوة من حقيقة أننا لسنا لوحدنا ولسنا مجبرين على الانتظار من قِبَل كائن غير شخصي يستمتع بتعذيب مخلوقاته. لا، بل بالعكس نحن مدعوين أن ننتظر التوقيت المناسب الذي وضعه إله مُحب خلقنا ويعرفنا أكثر مما نعرف أنفسنا. إله بحكمته الكاملة صنع قصة جميلة لحياتنا، يحبنا حب عميق وأبدي وأختار أن يختبر الحياة مثلنا أيضاً لنتمكن من معرفة أنه يفهمنا.

إذا كنت تنتظر شيئاً اليوم، أو ربما تنتظره من سنوات عديدة، أصلي أن تحول عينيك إلى يسوع الذي ينتظر أيضاً في هذه اللحظة. ينتظر الاكتمال النهائي لمملكته، وهو أيضا يشفع لك بينما أنت تنتظر. تشجع يا صديقي وأعبد المسيح الذي ينتظِر كما تنتظر أنت أيضاً.

كتب من قبل أوليفيا باشا. ترجم من قبل ميس سلفيتي. تعديل من قبل حنين باشا.


This post was first published in 2020. To see the original English version, click here.


.هذا المنشور تم نشره أولا في 2020. لرؤية النسخة الإنجليزية الأصلية إضغط هنا

Pam Galagan :المصدر
سمح بالنشر

No comments:

Post a Comment