Wednesday, September 18, 2024

المسيح الذي يعد منزلنا المستقبلي

تمت كتابة هذا المنشور في شهر آذار من عام 2020.

هنالك العديد من الأمور الرائعة في أن تكون في علاقة تجمع بين ثقافات متعددة، خاصةً عندما تشمل ثقافة الشرق الأوسط. واحدة من هذه الأمور، هي الفرصة لاكتساب فهم أعمق للكتاب المقدس من خلال فهم المكان الذي وقعت فيه الكثير من أحداثه. صرخة كاتب المزامير "أَرْفَعُ عَيْنَيَّ إِلَى الْجِبَالِ، مِنْ حَيْثُ يَأْتِي عَوْنِي!" (مزمور 121: 1)، تحمل معانٍ جديدة تماماً بعد أن ترى تلال الأرض المقدسة. المقطع الكتابي عن تسليم مريم لخطة الله لحياتها، تصبح واقعية أكثر بعد أن تقف في منزلها في الناصرة. ولكن ليس المكان فقط هو الذي يحيي فهم الكتاب المقدس؛ بل الثقافة أيضاً.

خلال المدرسة الثانوية والجامعة، كان تعلم "ثقافة الشرق الأدنى القديم"، جزءاً من منهجي الدراسي. وهذا ساعدني في تشكيل فهمي للكتاب المقدس من خلال مساعدتي في قراءته في سياق شمولي. ولكن ما لم أدركه حتى وقت قريب هو أن هناك جوانب من تلك الثقافة القديمة ما زالت موجودة في ثقافة الشرق الأوسط الحديثة أيضاً. ومن خلال علاقتي بخطيبي (زوجي حالياً) وتعرضي لثقافة الشرق الأوسط، اكتسبت نظرة أعمق إلى صلاح الله بطرق متعددة.

إذا كنتَ\كنتِ قد نشأت في كنيسة أو حضرت حفل زفاف مسيحي، فمن المحتمل أنك على دراية بحقيقة أن الزواج قد صُمم من قبل الله ليكون صورة العلاقة بين يسوع والكنيسة - الأشخاص الذين انتشلهم من العبودية من خلال تضحيته بحياته التي تتصف بالكمال-. قد تكون أيضاً على دراية بأجزاء في الكتاب المقدس التي يُشار فيها إلى يسوع أو يشير هو فيها إلى نفسه بالعريس (انظر متى 9، مرقس 2، لوقا 5، ويوحنا 3). قد كنت أنا على دراية جيدة بكل هذه الأمور أيضاً، ولكن هناك جزء مألوف آخر لم أربطه أبداً بهويّة يسوع كعريسنا - حتى وقت قريب.

في يوحنا 14، يتحدث يسوع مع تلاميذه، أولئك الذين بلا شك كانت لهم أقرب علاقة به خلال فترة وجوده على الأرض. كان قد اقترب موعد صلبه وهو يقضي وقتاً في العشاء الأخير للتحدث معهم، والصلاة من أجلهم، وإعدادهم للأيام المظلمة القادمة. في وسط هذا الوقت الثقيل، يقول يسوع: "«لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ. أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ فَآمِنُوا بِي. فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ، وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا،" (يوحنا 14: 1-3).

للوهلة الأولى، بالنسبة للأمريكيين في القرن الحادي والعشرين، لا يبدو هذا المقطع وكأنه يتعلق بصورة عن الزواج. يبدو وكأنه مقطع واضح عن السماء -أن يسوع ذاهب إلى السماء وأننا في النهاية سنكون هناك معه-. ولكن الآن أعتقد أن هناك الكثير في هذا المقطع أكثر مما يبدو لأول وهلة للأعين الأمريكية.

أنا وخطيبي حالياً يفصلنا أكثر من 9500 كم. وكما هو الحال الآن، سنبقى كذلك حتى يقترب موعد زفافنا. قبل بضعة أشهر، عاد خطيبي إلى وطنه بعد أن أكمل ما جاء إلى بلدي من أجله، وهو الآن يعمل ويعد الأشياء لمستقبلنا معاً. في ثقافته الأصلية (في الشرق الأوسط)، إذا لم ينتقل الشاب بعيداً عن مدينته للدراسة أو العمل، فإنه عادةً يعيش مع عائلته حتى يتزوج، وعندما يخطُب، يبدأ البحث عن منزل خاص ويبدأ بإعداده لعروسته المستقبلية. وهذا هو الحال مع خطيبي. 

أحيانًا ما كان يستخدم عبارة "إعداد منزلنا" عندما يتحدث، ومن بعد سماعها عدة مرات أدركت مدى تشابهها مع كلمات يسوع في يوحنا 14. وهنا أدركت عمق ما كان يسوع يقوله لتلاميذه. في حديثه عن إعداد مكان لهم، كان يستخدم صورة مألوفة تمامًا في ثقافتهم؛ كان يشير إلى نفسه كالعريس الذي يعد منزلاً أبدياً لعروسته. كان يستعد لإكمال ما جاء إلى منزلنا من أجله، ثم سيعود إلى منزله ليعد الأمور لمستقبلنا معه.

لم يكن التلاميذ سعداء جداً بالفكرة، كما يمكننا أن نرى من خلال شرح يسوع لهم سبب اضطراره للرحيل. كان الفراق صعبًا بالتأكيد، حيث كان عليهم التكيف مع عدم وجود صديقهم ومخلصهم جسدياً معهم. وبنفس الطريقة، الفراق صعباً علينا اليوم. على الرغم من أن الروح القدس يسكن في داخلنا، إلا أنني أعتقد أننا جميعاً قد خطرت لنا أفكار مشابهة مثل: "لو كان بإمكاني فقط رؤيته أو سماع صوته أو الشعور بلمسته."

وبالمثل، فإن الانفصال الذي نعيشه أنا وخطيبي ليس سهلاً. أعلم أنني سأكون معه قريباً، ولكن من الصعب ألا نكون حاضرين جسدياً مع بعضنا البعض. لكن خلال حديثنا اليومي خاصة عن التحضيرات التي يقوم بها خطيبي في منزلنا، أتذكر باستمرار التحضيرات التي يقوم بها عريسي السماوي من أجلي في منزلي السماوي. وكما أنتظر بثقة الوقت الذي سنكون فيه أنا وخطيبي معاً مرة أخرى، أتذكر بأن أنتظر بثقة مماثلة الوقت الذي سيأتي فيه عريسي الأبدي ليأخذني لأكون معه إلى الأبد.

لا أعرف بالضبط كيف سيبدو الأمر عندما يعد لنا يسوع منزلنا المستقبلي. لكن أنا تذوقت جزء صغير من هذا الأمر من خلال المحبة والرعاية التي اختبرتها مع خطيبي الأرضي، لذا فإن الذي يعده يسوع أبعد جداً من نطاق أحلامنا وأكثر مما يمكننا أن نتخيله.

كتب من قبل أوليفيا باشا. ترجم من قبل ميار مسلّم.  تعديل من قبل حنين باشا.


This post was first published in 2020. To see the original English version, click here.

.هذا المنشور تم نشره أولا في 2020. لرؤية النسخة الإنجليزية الأصلية إضغط هنا

المصدر:Jane Morris
سمح بالنشر

No comments:

Post a Comment