منذ أن اسميت شخصيتي "رجاء" في الرواية التي كتبتها مع قريبتي منذ سنوات عديدة, هذه الكلمة لها مكان خاص في قلبي. في ذلك الوقت لم يكن يعني لي الأسم أي شيء أكثر من مجرد الإعجاب به. و من وقتها, في أي مناسبة كان يتم إهدائي أشياء عديدة عليها كلمة "رجاء" سواء مرسومة, مطبوعة, أو ظاهرة عليها بطريقة ما, و النتيجة كانت أن أفكاري كانت تتوجه بشكل مستمر إلى تلك الكلمة و كل ما تعنيه.
ربما أنا فقط, لكن عندما أفكر بالرجاء, عادةً ما أفكر بشيء خفيف, مثل بالون يرتفع عن الأرض أو طائر يحلق إلى السماء. تعريفات المصطلح تتضمن كلمات مثل "الترقب", "التوقع", و "الثقة", التي ترتبط بأنواع الصور المبهجة [1].
لكن مؤخراً, كنت أعيد التفكير بفهمي للرجاء. هل هو فعلاً سمة حماسية ومبهجة؟ بينما هو بالتأكيد رافع للمعنويات, هل هو فقط بهذه البساطة؟ بطريقة ما, لا اعتقد ذلك.
الجملة التي استمر بالرجوع إليها هي هذه, مأخوذة من عبرانيين ١٩:٦
وهذا الرّجاءُ لِنُفوسِنا مِرساةٌ أمينَةٌ متينَةٌ
هل لاحظت ذلك؟ الرجاء ليس موصوف بأنه قارب نجاة بل كمرساة. مرساة صلبة, حادة, و ثقيلة. يا للروعة. من المثير للاهتمام أن كلمة "رجاء" ليست موجودة باللغة اليونانية الأصلية في هذه الآية, لكن المفهوم موجود بالتأكيد, مذكور صراحة في الآية السابقة[2]. وهنا السياق المباشر:
"فَلِذلِكَ إِذْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يُظْهِرَ أَكْثَرَ كَثِيرًا لِوَرَثَةِ الْمَوْعِدِ عَدَمَ تَغَيُّرِ قَضَائِهِ، تَوَسَّطَ بِقَسَمٍ، حَتَّى بِأَمْرَيْنِ عَدِيمَيِ التَّغَيُّرِ، لاَ يُمْكِنُ أَنَّ اللهَ يَكْذِبُ فِيهِمَا، تَكُونُ لَنَا تَعْزِيَةٌ قَوِيَّةٌ، نَحْنُ الَّذِينَ الْتَجَأْنَا لِنُمْسِكَ بِالرَّجَاءِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا، الَّذِي هُوَ لَنَا كَمِرْسَاةٍ لِلنَّفْسِ مُؤْتَمَنَةٍ وَثَابِتَةٍ، تَدْخُلُ إِلَى مَا دَاخِلَ الْحِجَابِ، حَيْثُ دَخَلَ يَسُوعُ كَسَابِق لأَجْلِنَا، صَائِرًا عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ، رَئِيسَ كَهَنَةٍ إِلَى الأَبَدِ." (عبرانيين 6 من عدد 17 إلى 20).
“الرجاء" هنا استخدم كاسم و من الممكن أن يقرأ "الثقة" الموضوعة أمامنا, أو "التوقع" الموضوع أمامنا[3]. و حتى الأن هذا التوقع يشبه بشيء يغرق بعمق بدلاً من شيء يرتفع للأعلى.
هنالك وصف للرجاء يشبه الثقل السابق ذكره، يمكننا أن نجده في مزمور62 من العدد 5-7 :
"إِنَّمَا للهِ انْتَظِرِي يَا نَفْسِي، لأَنَّ مِنْ قِبَلِهِ رَجَائِي. إِنَّمَا هُوَ صَخْرَتِي وَخَلاَصِي، مَلْجَإِي فَلاَ أَتَزَعْزَعُ. عَلَى اللهِ خَلاَصِي وَمَجْدِي، صَخْرَةُ قُوَّتِي مُحْتَمَايَ فِي اللهِ. "
التشبيه هنا من الكلمات "صخرة", "ملجأ", و"حماية" هو الثبات و الأمن. و الذي لا نراه في هذا النص هو كلمات بمعنى "يرفعني". بدلاً من ذلك, يوجد لدينا صورة الاحتماء في ملجأ في غاية القوة, دليلا على الحاجة الملحة لمثل هذه الحماية.
الكلمة العبرية الأصلية في النص هنا التي ترجمت إلى "رجاء" تعني حرفياً "حبل" أو مجازياً "توقع"[4]. لذا مجدداُ, لدينا الفكرة بكوننا مرتبطين بشيء. مثلاً المرساة مرتبطة بالسفينة و تحميها من الانجراف, فاذن رجاؤنا هو الحبل الذي يربطنا مع صخرتنا- - الله بنفسه.
هذه الرؤية القوية مشجعة جداً تحديداُ بسبب الأوقات التي فيها نحتاج الرجاء بشدة. انه في اوقات القحط و الظلمة, في أوقات الصمت و البحث, في أوقات الاهتزاز و الاستجواب حيث تكون عندها أنفسنا في أقصى حاجة للمساعدة و الرجاء.
و ما هو متوفر لنا ليس مجرد كلام حماسي عاجز أو كلام مبهج وقتي, بل إنه حبل او مرساة ممسكة بنا بشدة ورابطة ايانا بحقيقة وعود الله– أنه يحبنا (يوحنا الأولى 4 الأعداد 10 و 19), أنه مات لأجلنا (رومية 8:5), أنه معنا (متى 20:28). هو خلصنا من عقوبة الخطيئة (رومية 23:6), وهو يخلصنا من قوة الخطيئة (كورنثوس الاولى 13:10 , يوحنا 13:16), وسوف يخلصنا من حضرة الخطيئة (رؤية 22 الاعداد1-5). نحن لسنا وحدنا. نحن لسنا متروكين. يوجد لدينا بئر من القوى ليس له نهاية تحت تصرفنا.
معرفة هذه الحقائق مشجع لنا, نعم, لكن مشجع بعمق. معرفة تنهض النفس, لكن بطريقة تثبت النفس. إنها تحفر بعمق في أنفسنا, و بينما من الممكن أن نشعر بأننا تطايرنا مع الرياح و الأمواج, لكنها تؤكد أنه لن ننجرف بعيداً. بينما نكون مرهقين من المعركة اللامتناهية من الحرب الروحية, إلا أنها تربطنا بالذي يحمينا و يدافع عنا. و مثلما يقول كاتب سفر العبرانيين, إن الرجاء "مؤتمن و ثابت".
إنه هدية, لكنه هدية ثقيلة. إنه متوقع, لكنه مؤكد تماماً.
إنه قوي.
إنه ثقيل.
إنه الرجاء.
كتب من قبل أوليفيا باشا. ترجم من قبل ليلى عطالله. تعديل من قبل حنا باشا.
This post was first published in 2017. To see the original English version, click here.
[1] Merriam-Webster Dictionary, “Hope.” See https://www.merriam-webster.com/dictionary/hope
No comments:
Post a Comment