Wednesday, April 12, 2023

الحياة بعد الفصح

هل فكرت يوماً كيف كان حال التلاميذ باليوم الذي تلى الفصح؟ الكتاب المقدس لا يخبرنا بذلك، ولكن يمكننا أن نتصور ذلك باستخدام فكر واعٍ ومستنير. إذا قلنا أن يوم الأحد الذي تلى صلب المسيح "قد كان يوماً مليئا بالأحداث!" فقط فسيكون ذلك قليلاً. فقد بدأ في وقت مبكر جداً من الصباح عندما اكتشفت مجموعة من النساء القبر الفارغ، وسمعن من ملاك أن يسوع قد قام من بين الأموات! (متى 28: 1-6 ، مرقس 16: 1-6، لوقا 24 :1-7). فخرجن راكضات ليخبرن التلاميذ، وكما يمكن لك أن تتصور لم يصدقهن البعض، فذهب بطرس ويوحنا سريعاً إلى القبر ليروا بأنفسهم وبالطبع وجدوه فارغاً ( مرقس 16: 11، لوقا 24: 11، يوحنا 20: 3-10). ظهر يسوع لمريم في البستان، فرأته بعينيها! (يوحنا 20: 11-17) و بعد ذلك قابلاه تلميذان – غير مدركين أنه هو – وهما يتحدثان بطريقهم إلى عمواس وعندما أدركا من الذي يتحدث إليهما، اختفى عنهما، فرجعا إلى القدس ليخبرا التلاميذ (لوقا 24: 13-34). في المساء وقف يسوع بنفسه في وسط التلاميذ فيما هم مجتمعين وأخبرهم بأن يستعدوا فهناك مزيداً من الأمور سوف تحدث (لوقا 24: 36-48). الآن يمكنك  أن تقول "يا له من يوم!".

إذا مررت يوماً بحدث عظيم في حياتك، صادم بشكل سلبي أو مبهر بشكل إيجابي، فإنك لن تقدر أن تستوعب هول ما حدث إلا بعد مرور فترة من الزمن ومن الممكن أن تبدأ بفهم تأثير الحدث من اليوم التالي. في حالة التلاميذ، قد كان يوم الجمعة صادماً وموجعاً، أما السبت فقد كان محبِطاً ، والأحد مفرحاً ومبهجاً، فمن الطبيعي أن  يكون حالهم اليوم التالي للفصح متخبطاً، وغير متزن عاطفياً. 

لا يمكنني أن أتخيل مشاعرهم وأفكارهم والتي بدأت باستيعاب فكرة أن يسوع حي، فكل ما رجوه وتأملوا به اعتقدوا بأنه كان، لفترة، عبثاً (لوقا 24: 21) الآن فقط أُثبت عكسه بقدرة الله الفائقة في القيامة. أضف إلى ذلك إدراكهم بأنهم لم يفهموا حقيقةً ما الذي كان يسوع يقصده حين أخبرهم عن قيامته بعد الموت (يوحنا 20: 9). من المؤكد أنهم كانوا يتأرجحون بين شعور الابتهاج والاحراج. وسريعاً بعد تعافيهم من زخم أحداث ذلك اليوم، بدؤوا أخيراً باستيعاب حقيقة قيامة المسيح وتداعيات هذا الحدث العظيم على حياتهم. فإذا كانت صرخة الجمعة "لماذا؟" و أنين إحباط السبت "ماذا الآن؟" وتهليلة الأحد "لقد قامّ" فإن الاثنين هو استغراق مفعم بالأمل  ب "إذاً الآن ماذا الآن؟". 

الأيام التي تلت الفصح تكَشّفت الكثير من الأمور. لقد قابل يسوع التلاميذ ليزيل شكوك توما (يوحنا 20: 24-29)، وليرسلهم للعالم (مرقس 16: 15)، ليشهدوا صعوده للسماء (أعمال الرسل 1: 6-11)، وليستقبلوا حلول  الروح القدس المعزي عليهم (أعمال الرسل 2: 1-3). ولكن لم يكن أي من ذلك قد حدث بأول يوم بعد الفصح، بل كانوا جالسين في حيرة مما قد شهدوا واختبروا وأيضاً في فهم جديد وعميق للكلمة التي أعلن يسوع عنها اليهم.

أما نحن، وبعد مرور ٢٠٠٠ عام، فقد احتفلنا بقيامة المسيح، بنصره على الخطية والموت. نعلم ما حدث بعد يوم الأحد، ونعيش في ضوء القيامة. ولكن، أدعوك أن تقف للحظة في مكان التلاميذ، وأن تتأمل من جديد، بعين جديدة، في عظمة ما حدث في ذلك اليوم، وما زال يحدث.

لنتأمل بتعجب – للحظات – خطة الله وكشفه المقصود لها خلال التاريخ، من أول وعد قدمه الله لآدم وحواء (تكوين 3: 15) إلى أن أعلن عن البشارة للرعاة قرب بيت لحم (لوقا 2: 8-14). ولنبتهج بمعرفتنا بأن هذه القصة الحقيقية التي أرادها الله لنا مستمرة من الماضي إلى الحاضر سوف تمتد للمستقبل أيضاً. 

حياة يسوع وموته وقيامته لم تكن نهاية القصة، بل كانت نقطة التحول للتاريخ البشري، الله سيكمل كتابة قصته وإعلانه عن ذاته لنا من خلال كلمته ومن خلال الروح القدس ليكمل عمله فينا. إذاً اليوم، بعد الفصح، لقد مررنا بالحزن وبالصمت وأخيراً بالفرح، دعونا نتعمق بالتفكير الذي يقود للعمل. أن نتعمق بفكرة أن رواية الله شاملة للعالم. بالنعمة لدينا الفرصة أن نكون جزءاً منها وبحقيقة أن المسيح حي الآن في هذه اللحظة وبأن هذه الحقيقة لديها انعكاسات على حياتنا نحن شخصياً.

كيف لنا الآن أن نعيش في ضوء القيامة؟ يمكنني الإجابة عن هذا السؤال ولكن سأترك السؤال مفتوحاً لتفكر به ملياً.  لمساعدتك على البحث عن الإجابة سأعطيك بعض النقاط  للتفكير بها. 

كيف أثرت قيامة يسوع على علاقتك بالله؟ وكيف أثرت على علاقتك بالأشخاص الآخرين؟ كيف أثرت على طريقة تواصلك بالله؟ ما معنى القيامة بالنسبة للخوف؟ للحزن؟ للمواظبة؟ للثقة؟ للجرأة؟ للتعاطف؟ وللفرح؟ وبينما أنت تفكر بهذه الأسئلة. لا تتوان عن ترك تعليق بالأسفل عما يدور بذهنك إما بإدراك منعش أو بتذكير مفيد.

يسوع قام، هو ليس حدث من الماضي بل هو حي الآن يدعوك أن تعيش الحياة لمجده. أُصلي أن تدخل بعمق لهذه الحياة وأن تستوعب فعلاً عمق انعكاسات قيامة المسيح على حياتك، لأنه كما تبين لنا، الحياة بعد الفصح هي الأفضل.


كتب من قبل أوليفيا باشا. ترجم من قبل ميس سلفيتي. تعديل من قبل حنين باشا.


هذا المنشور تم نشره أولا في 2020. لرؤية النسخة الإنجليزية الأصلية إضغط هنا.

This post was first published in 2020. To see the original English version, click here.



Anneliese Billings :المصدر
سمح بالنشر

No comments:

Post a Comment