هل فكرت يوماً بحال التلاميذ باليوم الذي تلى الفصح؟ الكتاب المقدس لم يخبرنا ولكن يمكننا أن نتصور ذلك بمساعدة خيالنا المستنير. إذا قلنا أن يوم الأحد الذي تلى صلب المسيح "قد كان يوماً مليئا بالأحداث !"فقط فسيكون ذلك قليلاً. بدأ ذلك الأحد مبكراً جداً بتوجه النساء الى القبر واللاتي اكتشفن أنه فارغ بل وأن هناك ملاكاً يتحدث اليهنّ ويخبرهنّ بأن يسوع حي! (متى 28 : 1- 6، مرقس 16 :1-6 ، لوقا 24 :1-7) فخرجن راكضات ليخبرن التلاميذ، وكما يمكن لك أن تتصور لم يصدقهن البعض، فذهب بطرس ويوحنا سريعاً الى القبر ليروا بأنفسهم وبالطبع وجدوه فارغاً(مرقس 16 :11 ،لوقا 24 :11، يوحنا 20 :3-10). هل تعتقد أن أحداث هذا اليوم انتهت؟ انتظر، فذلك غيض من فيض ،لقد رأت مريمُ يسوع بأم عينيها! (يوحنا 20 :11-17) و بعد ذلك قابلاه تلميذان-غير مدركين أنه هو- و هما يتحدثان بطريقهم الى عمواس وعندما أدركا من الذي يتحدث اليهما، اختفى عنهما، فرجعا الى القدس ليخبرا التلاميذ(لوقا 24 :13-34) . في المساء وقف يسوع بنفسه في وسط التلاميذ فيما هم مجتمعين وأخبرهم بأن يستعدوا فهناك مزيداً من الأمور سوف تحدث (لوقا 24 :36-48) .الآن يمكنك أن تقول "يا له من يوم!".
اذا مررت يوماً بحدث عظيم في حياتك ، صادم بشكل سلبي أو مبهر بشكل ايجابي، فإنك لن تقدر أن تستوعب هول ما حدث إلا بعد مرور فترة من الزمن ومن الممكن أن تبدأ بفهم تأثير الحدث من اليوم التالي. في حالة التلاميذ، قد كان يوم الجمعة صادماً وموجعاً، أما السبت فقد كان محبِطاً ، والأحد مفرحاً ومبهجاً، فمن الطبيعي أن يكون حالهم اليوم التالي للفصح متخبطاً، وغير متزن عاطفياً.
لا يمكنني أن أتخيل مشاعرهم وأفكارهم والتي بدأت باستيعاب فكرة أن يسوع حي، فكل ما رجوه وتأملوا به اعتقدوا بأنه كان، لفترة، عبثاً (لوقا 24 :21) الآن فقط أُثبت عكسه بقدرة الله الفائقة في القيامة. أضف إلى ذلك إدراكهم بأنهم لم يفهموا حقيقةً ما الذي كان يسوع يقصده حين أخبرهم عن قيامته بعد الموت(يوحنا 20 :9). من المؤكد أنهم كانوا يتأرجحون بين شعور الابتهاج والاحراج. وسريعا بعد تعافيهم من زخم أحداث ذلك اليوم، بدؤوا أخيراً باستيعاب حقيقة قيامة المسيح وتداعيات هذا الحدث العظيم على حيواتهم . فإذا كانت صرخة الجمعة "لماذا؟" و أنين إحباط السبت "ماذا الآن؟" وتهليلة الأحد "لقد قامّ" فإن الاثنين هو استغراق مفعم بالأمل ب " اذاً الآن ماذا الآن؟" .
في الأيام التي تلت الفصح تكَشّفت الكثير من الأمور . لقد قابل يسوع التلاميذ ليزيل شكوك توما (يوحنا 20 :24-29)، و ليرسلهم للعالم (مرقس 16 :15)، ليشهدوا صعوده للسماء (أعمال الرسل 1: 6-11)، وليستقبلوا حلول الروح القدس المعزي عليهم (أعمال الرسل 2 :1-3). ولكن لم يكن أي من ذلك قد حدث بأول يوم بعد الفصح، بل كانوا جالسين في حيرة مما قد شهدوا واختبروا وأيضاً في فهم جديد وعميق للكلمة التي أعلن يسوع عنها اليهم .
والان بعد 2000 عام،انتهينا من الاحتفال بقيامة يسوع من الأموات وانتصاره على الخطيئة والموت. ولدينا نعمة معرفة أن القيامة وما تلاها من أحداث قد تمت، ولكن أريد أن أشجعك وأشجع نفسي بأن نضع أنفسنا مكان التلاميذ بذلك اليوم ونتأمل فعلياً بذهن حاضر للكلمة وبثقل مشوق لما عناه وما زال يعنيه يوم الأحد لهذا اليوم.
لنتأمل بتعجب -للحظات- خطة الله وكشفه المقصود لها خلال التاريخ، من أول وعد قدمه الله لآدم وحواء (تكوين 3 :15) الى أن أعلن عن البشارة للرعاة قرب بيت لحم (لوقا 2 :8-14). ولنبتهج بمعرفتنا بأن هذه القصة الحقيقية التي أرادها الله لنا مستمرة من الماضي الى الحاضر سوف تمتد للمستقبل أيضاً.
حياة يسوع وموته وقيامته لم تكن نهاية القصة، بل كانت نقطة التحول للتاريخ البشري، الله سيكمل كتابة قصته واعلانه عن ذاته لنا من خلال كلمته ومن خلال الروح القدس ليكمل عمله فينا. اذاً اليوم، بعد الفصح، لقد مررنا بالحزن وبالصمت وأخيراً بالفرح، دعونا نتعمق بالتفكير الذي يقود للعمل. أن نتعمق بفكرة أن رواية الله شاملة للعالم. بالنعمة لدينا الفرصة أن نكون جزءاً منها و بحقيقة أن المسيح حي الآن في هذه اللحظة وبأن هذه الحقيقة لديها انعكاسات على حياتنا نحن شخصياً.
كيف لنا الآن أن نعيش في ضوء القيامة؟ يمكنني الإجابة عن هذا السؤال ولكن سأترك السؤال مفتوحاً لتفكر به ملياً. لمساعدتك على البحث عن الإجابة سأعطيك بعض النقاط للتفكير بها.
كيف أثرت قيامة يسوع على علاقتك بالله ؟ وكيف أثرت على علاقتك بالأشخاص الآخرين؟ كيف أثرت على طريقة تواصلك بالله؟ ما معنى القيامة بالنسبة للخوف؟ للحزن؟ للمواظبة؟ للثقة؟ للجرأة؟ للتعاطف؟ وللفرح؟ وبينما أنت تفكر بهذه الأسئلة، لا تتوان عن ترك تعليق بالأسفل عما يدور بذهنك إما بإدراك منعش أو بتذكير مفيد.
يسوع قام، هو ليس حدث من الماضي بل هو حي الآن يدعوك أن تعيش الحياة لمجده. أُصلي أن تدخل بعمق لهذه الحياة وأن تستوعب فعلاً عمق انعكاسات قيامة المسيح على حياتك، لأنه كما تبين لنا، الحياة بعد الفصح هي الأفضل.
كتب من قبل أوليفيا باشا. ترجم من قبل ميس سلفيتي.
هذا المنشور تم نشره أولا في 2020. لرؤية النسخة الإنجليزية الأصلية إضغط هنا.
This post was first published in 2020. To see the original English version, click here.
No comments:
Post a Comment