Wednesday, June 19, 2024

الانكسار المستنير

هل عانيت مع انكسار القلب من قبل؟ أنا لا أتكلم عن الاحباطات العرضية التي تكون مزعجة بالفعل، ولكنني أتكلم عن الحزن الذي يحطم روحك، ذلك الحزن الذي مهما حاولت التفكير بشيء آخر فإنه دائماً يلازمك، ذلك الحزن الذي يسبب ألماً في صدرك، والذي يجعلك تفهم لماذا سمي بانكسار القلب. إذا كنت قد مررت به فإنني أتوقع أنك تتساءل أو ربما تساءلت عن الخير الذي من الممكن أن ينتج عنه.

من الممكن أنك تعيش بقلب مكسور الآن وتعاني لترى ميّزة أو تعويض لهذه المحنة. هنالك عدة طرق لإيجاد الجمال في وسط الانكسار، فهذا الانكسار هو المدرسة التي يعلمنا بها الله الحقائق التي من الصعب تعلمها بطرق أخرى. لذلك، اليوم أدعوك لتأخذ بعين الاعتبار أن اختبار هذا الانكسار هو نعمة وهذا ما أؤمن به، وأقصد بهذا فهم عميق وامتنان لمحبة الله. دعونا نفكر بهذا الأمر.

إذا كنت تتردد على كنيسة تبشر بكلمة الله بشكل حقيقي لفترة من الزمن لا يهم طولها، فإنك بالتأكيد سمعت بحب يسوع وأنه تحمل آلام موجعة وعميقة نتيجة غضب الله بدلاً منا. نحن نعلم أن يسوع قد دفع الثمن المطلق عنا وهو بذلك أظهر حبه العميق لنا، ولكن كم مرةٍ فكرنا حقاً بالثمن الذي دفعه الآب؟ 

نحن نفكر بالله الآب باعتباره الشخص الذي صب غضبه، ولكن، في هذا الفعل هل نتصور بأنه شخصية انتقامية بحتة خالية من الحب؟ لا، لا بد لك أن تفكر أنه قد أظهر حبه لنا بما فعله كما أحبنا يسوع أيضاً. وهذا هو الصحيح، فبالنهاية واحدة من أشهر الآيات في الكتاب المقدس تخبرنا أن الله أحبنا جداً حتى بذل ابنه الوحيد عنا يوحنا 16:3

ولكن ماذا عن حبه لابنه؟ هل توقف الآب عن حب يسوع عندما صب جام غضبه عليه؟ علاقتهم الوطيدة والكاملة كُسرت لمرة واحدة، نعم، ولكن هل توقف الله عن حب ابنه؟ بطريقة ما، لا اعتقد ذلك. وبما أنه لم يفعل، ماذا يعني ذلك برأيك؟ انه اختبر انفصاله الطوعي عن الابن وسكب جام غضبه عليه؟ هل تعتقد أن من الممكن أن يكون لذلك علاقة بالقلب المكسور؟

بالطبع، علينا أن نكون حذرين عندما نحاول أن نعكس مشاعرنا المحدودة وتجاربنا على الله اللامحدود، يجب علينا أن نتجنب وضعه على صورتنا، ولكن نحن خلقنا على صورته وعليه فإننا الى حد ما يمكننا أن فهم شخصه. ونعلم أيضاً أنه كشف لنا عن نفسه في كلمته من خلال التجسيد (وهو استخدام صفات الإنسان لوصف غير الإنسان مثل: ذراع الرب، ابتسمت الشمس للأرض). لذلك انا لا اعتقد أنه من المستبعد افتراض أن معاناة يسوع كانت مؤلمةً للآب كما كانت ليسوع (بصرف النظر عن أنهم في الحقيقة نفس الشخص).

في تجاربنا الإنسانية، من الواضح أن أكثر حالات انكسار القلب صدقاً مرتبطة بشكل أو بآخر بانقطاع الصلة الحميمة مع شخص آخر، خسارة علاقة ما إما بالموت أو بالتفرق جسدياً أم عاطفياً وأحياناً بالطريقتين معاً. لذلك فإذا كان حب الله أكثر كمالاً وصدقاً من حبنا، فهل من المنطق أن انقطاع الصلة بين الأقانيم الثلاث سينتج ألم أكثر مبالغة من ألمنا؟

إذا وافقنا اذاً على أن قلب الله كُسر عند الصليب، فإننا نستنتج أن فعله لهذا كان طواعيةً، اختار أن يُكسر قلبه من أجلنا. اختار أن يحتمل الألم الموجع غير المستحق لابنه المحبوب. ثِقل البعد شعر به الآب تماماً كما فعل الابن، وهذا الثقل لم يُولد طواعية، ولكن بودِر به طواعيةً.

لذلك عندما نختبر انكسار القلب، نحصل على ما أعتقد أنه تذوق القليل من الألم الذي شعر به الآب، وبدلاً من أن يكون مجرد فهم إدراكي لما قد عاناه الآب، مُنحنا فهماً تجريبياً، حصلنا على لمحة من العذاب وفكرة مصغرة عن الضيق الذي يسحق الروح.

وعندما ندرك أن الله وضع نفسه طواعية لهذا النوع من الألم من أجلنا، نحن البشر الجاحدون الأنانيون المتمردون، لا يسعنا إلا أن نصلي ونسبح للذي أحبنا لهذه الدرجة وأن نتعزى في ادراكنا لأنه يعرف حقيقةً ماذا يعني الشعور بهذا الألم. مهما كان ما تشعر به من الألم هو اختار أن يتحمل هذا وأكثر من أجل حبه لنا.

لذلك في وسط موسم انكسار القلب، عندما يتبين لك أن الصلاح والخير غائب، إنتهز هذه الفرصة لتتأمل حب الله الذي لا مثيل له والذي يظهر لنا استعداده لأن يعاني الألم من أجلنا. إذا كان قلبك مكسور اليوم أو سوف ينكسر في المستقبل، استرح بمعرفتك هذا: في جميع الطرق التي من الممكن أن الله يستعمل ألمك ليشكلك ويساعدك لتنمو، هناك إحتمالية أن الله يساعدك لترى بطريقة أعمق عُمق محبته.


.كتب من قبل أوليفيا باشا. ترجم من قبل ميس سلفيتي 

This post was first published in 2018. To see the original English version, click here.

هذا المنشور تم نشره أولا في 2018. لرؤية النسخة الإنجليزية الأصلية إضغط هنا.